30/07/2011
ألفريد مارشال مؤسس الاقتصاد المعاصر
يعد ألفريد مارشال، والذي يعرف بأنه أحد مؤسسي الاقتصاد الكلاسيكي الجديد، من أكثر الاقتصاديين تأثيراً في عصره . فكتابه “مبادئ الاقتصاد” (1890)، أصبح الكتاب المدرسي، ومصدر المعلومات الاقتصادية، السائد في بريطانيا لسنوات طويلة . وهو كتاب جمع فيه أفكار العرض، والطلب، وتكاليف الإنتاج، والمنفعة الهامشية، في كُلٍ واحد متسق .
وأبصرت عينا ألفريد مارشال النور في ضاحية كالفام اللندنية في بريطانيا في 26 يوليو/تموز ،1842 والتي ترعرع فيها، ثم تلقى تعليمه الأولي في مدرسة “ميرشنت تيلور” في نورثوود، قبل أن يدخل كلية سانت جونز في كامبريدج، حيث أظهر ذكاءً شديداً في مادة الرياضيات .
غير أنه عانى لاحقاً من أزمة جعلته يتحول إلى الفلسفة، والتي بدأ مشواره معها بدراسة علم ما وراء الطبيعة، وبتركيز خاص على الأساس الفلسفي للمعرفة “نظرية اللاهوت” . وقادته دراسته لعلم ما وراء الطبيعة إلى التفكير في الأخلاق، والتي دفعته بدورها للاهتمام بالاقتصاد، باعتبار أن الاقتصاد يلعب دوراً محورياً في تهيئة الظروف اللازمة لتحسين أوضاع الطبقة العاملة . وحتى عندما عاد مرة أخرى لتكريس جهوده في الاقتصاد، ظلت نظرته للأخلاق مهيمنة بقوة على تفكيره .
وفي السياق ذاته، أثار علم الاجتماع اهتمامه، لإدراكه ان الاقتصاد يلعب فيه دوراً مهماً، وإن كان محدوداً . فقد استنتج مارشال ان في العالم الحقيقي، ثمة ترابط وثيق بين الحياة الاقتصادية، والأخلاق، والتوجهات الاجتماعية، والسياسية، وهو ما حرص على التنبيه بضرورة عدم إغفاله من قبل الاقتصاديين . كما ارتأى مارشال ان مهمة الاقتصاد تكمن في تحسين الظروف المادية، ولكن مع إيمانه بأن مثل هذا التحسن لن يتحقق إلا بتناغم مع القوى الاجتماعية، والسياسية .
ويعكس اهتمام مارشال بالتحرر، والاشتراكية، ونقابات العمال، وتعليم المرأة، والفقر، والتقدم، تأثير فلسفته الاجتماعية المبكرة على أفكاره، وكتاباته اللاحقة، والتي ارتأى، وعلى الرغم من عمقها، أن يقدمها للقارئ في أبسط صورة .
وخلال حياته العلمية، سعى مارشال حثيثاً لتحسين القالب الرياضي الجامد للاقتصاد، وتحويله إلى منهاج علمي إحترافي . وفي سبعينات القرن التاسع عشر، كتب سلسلة من الأوراق حول التجارة العالمية، ومشكلات الحماية، تم تصنيفها، وجمعها لاحقاً في عام ،1879 في مؤلف بعنوان “النظرية التجريدية للتجارة الخارجية: النظرية التجريدية للقيم المحلية” . وفي العام نفسه أصدر مؤلفاً آخراً بمعاونة زوجته، وتلميذته ماري بالي، بعنوان “اقتصاديات الصناعة” .
وعلى الرغم من أنه نقل الاقتصاد إلى علم موغل أكثر في المعادلات الرياضية، إلا أنه لم يكن يرغب في ان تطغى الرياضيات على الاقتصاد، حتى لا يفقد الأشخاص العاديين علاقتهم بالاقتصاد . وفي ضوء ذلك عمد مارشال إلى تفصيل نصوص مؤلفاته للشخص العادي، مع وضع المحتويات الرياضية في هوامش، وملحقات للمحترفين . في عام 1865 حصل على زمالة كلية سان جون في كامبريدج، وعمل محاضراً في علوم الأخلاق في ،1868 قبل أن يصبح استاذاً (بروفيسور) للاقتصاد السياسي . وتزوج مارشال بتلميذته ماري بالي في عام ،1877 مما اضطره للتخلي عن زمالة كلية “سان جون” في كامبريدج بحسب ما تقتضي لوائح الجامعة . وبعدها تولي منصب أول رئيس لكلية بريستول، والتي أصبحت لاحقاً جامعة بريستول، حيث واصل تدريس الاقتصاد، والاقتصاد السياسي .
لكنه عاد مرة أخرى، ولفترة قصيرة، إلى جامعة كامبريدج أستاذاً للاقتصاد السياسي .
وخلال تلك الفترة، سعى إلى استقلالية الاقتصاد، الهدف الذي لم يتحقق له إلا في عام 1903 فقبل ذلك كان الاقتصاد يُدَرس ضمن علوم التاريخ، والأخلاق، وهو ما ارتأى مارشال أنه لا يساعد على تخريج طلاب متخصصين . واستمر مارشال في كامبريدج إلى حين تقاعده في عام 1908 .
وبدأ مارشال يعاني من بعض المشكلات الصحية منذ ثمانينات القرن التاسع عشر . ومع ذلك دفعه نشوب الحرب العالمية الأولى (1914)، إلى إعادة التأمل في الاقتصاد العالمي، فألف كتاباً عن الصناعة، والتجارة، وهو في سن ال77 . وفي عام 1923 نشر مؤلفاً عن المال، والائتمان، والتجارة ضمنه أفكاره التي نشرت سابقاً، وتلك التي لم تنشر . غير أن حالته الصحية تدهورت ليرحل “أبو” مبادئ الاقتصاد في عام 1924 .
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
يمكن استخلاص اهم مساهمات مارشال فى
ردحذفادخال الرياضيات فى علم الاقتصاد
جعل دراسة الاقتصاد مستقلة عن دراسة التاريخ والاخلاق
اسس لاقتصاديات الرفاه ( قيمة السلعة تحدد بالعمل والمنفعة وتلبية حاجات المستهلكين وأذواقهم)
جمع بين الاقتصاد الليبرالى الحر رغم ميوله الاشتراكية الداعمة لمكافحة الفقر ودعم نقابات العمال ، وتحرير المرأة